الاثنين, 03 نوفمبر 2025
مادة إعلانية

حين صوّت العالم… واصل البعض الصراخ في الفراغ

الاثنين 03 نوفمبر 2025
حين صوّت العالم… واصل البعض الصراخ في الفراغ

بقلم : يوسف وفقير

بينما أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أتابع فرحة المغاربة وبعض ردود الفعل التي أعقبت تصويت مجلس الأمن على قرار منح الاقاليم الصحراوية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية، والذي يعلم كل المهتمين بهذا الشأن تفاصيله وحيثياته. حيث إن الاغلبية رحبت بهذا القرار التاريخي الذي سيضع حدا لتبعية البعض(...)، وليس حدا للنزاع، على اعتبار أن المسالة ليس فيها نزاع بقدر ما هي محاولات "مدفوعة الأجر" لزعزعة استقرار المنطقة وخلق مشاكل للمغرب بهدف تقسيمه الى جزئين. القرار أحدث ضجة وصدمة في نفوس الأطراف التي كانت تستفيد من حالة الفوضى واللاستقرار الذي يهدفون اليه، وحاولوا أكثر مما مضى التشويش على القرار بخلق المزيد من المرتزقة الذين يبيعون ألسنتهم وحناجرهم من أجل المال لا لشيء آخر، وهم دائما مع من يدفع أكثر، كأنهم محامو الشيطان او أولئك السحرة الذين يفرحون لكل حالة طلاق، وإنشاء بؤر جديدة للذباب الالكتروني ظنا منهم أن جعجعتهم ستنتج طحينا وتؤثر على العقول الكبيرة!!!

القرار حتى قبل عرضه على التصويت في مجلس الامن، فرق حتى اولئك الذين كانوا متحالفين قبل ذلك، وأحدث زخرفة من النقاشات والآراء التي يصعب تصنيفها او إرجاعها الى مرجعية معينة او إيديولوجية محددة، فتعددت المقاربات وكثر اللغط والقيل والقال حول مسألة حسمت من جميع الجوانب التاريخية والقانونية والسياسية.

ولأن "الإنكار" صار بالنسبة للبعض عقيدة قائمة بذاتها، فقد وجد هؤلاء في المنصات الافتراضية بديلا عن الواقع الذي هرب منهم منذ سنين. يكتبون بيانات النفي بعيون مفتوحة على الخيال، ويصدقون ما يكتبون كما لو أن "التغريدة" أصبحت وثيقة ديبلوماسية، وأن "الهاشتاغ" هو جلسة مجلس الأمن ذاتها. واحد منهم كتب: "القرار لا يعني شيئا، وسنواصل النضال!"، وكأنّه بصدد قيادة ثورة من داخل غرفة مظلمة فيها واي فاي ضعيف وشاحن مهترئ.

المثير للسخرية أنهم يتحدثون عن "الشرعية الدولية" وهم آخر من احترم قراراتها، وعن "حق الشعوب في تقرير المصير" وهم لا يعرفون حتى مصيرهم داخل خيامهم السياسية المهترئة. بعضهم يتكلم وكأنه مندوب فوق العادة للأمم المتحدة، بينما في الحقيقة لا يتعدى كونه "مؤثر" في صفحة فايسبوكية كيعيش على "اللايكات" و"الشير"، وكيظن راسو غايغير مجرى التاريخ.

القرار الأممي الأخير، الذي حمل توقيعا أمريكيا واضحا، أعاد ترتيب الأوراق في المنطقة، وبين بالملموس أن زمن المتاجرة بالقضية قد انتهى، وأن العالم لم يعد يشتري الوهم ولا يصدق خطابات "التحرير من أجل الإعاشة". من كان يعيش على وهم العودة اكتشف أنه رجع غير لنقطة الصفر، ومن كان يراهن على الزمن أدرك أن الزمن ولا ضدو. بعضهم اليوم كيدور فحل شي فروج مقطوع الرأس، ما عارف لا فين يمشي لا شنو يقول، داير قدامو غير الكاميرا باش يبقى حاضر فالواجهة.

وفي خضم هذا الضجيج الإلكتروني، يبرز المغرب بهدوء وثقة، ماضيا في تنمية مناطقه الصحراء، يشيد المشاريع، ويستقبل الاستثمارات، ويثبت للعالم أن الأرض لا تحرر بالشعارات، بل بالعمل، وأن الشرعية لا تنتزع من غرف مظلمة في مكان ما من العالم (...)، بل تكتسب من إشعاع مدن تنبض بالحياة من العيون إلى الداخلة. المغرب اليوم ليس بحاجة أن يجيب على "الترهات"، بل يجيب بالأرقام، بالطرق، بالموانئ، وبالاستقرار. واللي ما عجبوش الحال، كما نقول، "يشرب البحر".


مقالات ذات صلة

مسار تاريخ: -من المسيرة إلى المصير: خمسون سنة من الحلم الذي صار وطنا
كتاب وآراء

مسار تاريخ: -من المسيرة إلى المصير: خمسون سنة من الحلم الذي صار وطنا

كنت طفلا في العاشرة من عمري حين دوى في السماء نداء الوطن سنة 1975. لم أكن أدرك تماما معنى أن...

0 تعليقات
الغش في مباريات التوظيف: جريمة مؤسسية تُجهض الإصلاح .
كتاب وآراء

الغش في مباريات التوظيف: جريمة مؤسسية تُجهض الإصلاح .

الغش في مباريات التوظيف هو أحد أخطر أشكال الفساد الذي يضرب في صميم العدالة وتكافؤ الفرص، ويفقد ثقة المواطنين في المؤسسات....

0 تعليقات

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا

نحن نحترم خصوصيتك. لن نشارك بريدك مع أي طرف ثالث.

تعليقات الزوار (0)

لا توجد تعليقات بعد

كن أول من يعلق على هذا المقال

أضف تعليقًا

سيتم مراجعة تعليقك قبل النشر

اشترك في نشرتنا البريدية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

جميع الحقوق محفوظة لموقع bawabapress.com © 2025
شروط الاستخدام سياسة الخصوصية تم إنشاء وإدارة الموقع بواسطة AppGeniusSARL