المغرب يعبر سوريا ويواصل رحلة البحث عن لقب كأس العرب

يوسف وفقير - الرباط

وسط أجواء كروية في ستاد خليفة الدولي بالدوحة، وبحضور جماهيري غفير تابع المباراة حتى أنفاسها الأخيرة، تمكن المنتخب الوطني المغربي من حجز بطاقة العبور إلى نصف نهائي كأس العرب 2025، بعد فوزه المستحق على نظيره السوري بهدف دون رد، في مواجهة اتسمت بالإيقاع السريع والتوتر العالي والندية المطلقة منذ صافرة البداية. وجاء هذا الانتصار ليؤكد قدرة "أسود الأطلس" على التكيف مع ضغط المواعيد الكبيرة رغم شبح الغيابات الذي لاحقهم منذ بداية البطولة، بينما دخل المنتخب السوري المواجهة متأثرا بغياب نجمه عمر خريبين بسبب إصابة على مستوى المعصم، ما دفع المدرب إلى الاعتماد على محمود المواس لقيادة الهجوم وتعويض الثقل الذي يخلفه خريبين عادة في الثلث الأخير من الملعب.

ومع انطلاق المباراة حاول المواس مباغتة الحارس المغربي المهدي بنعبيد ببعض التحركات الفردية، لكنها كانت تفتقد للفعالية أمام تماسك الدفاع المغربي. وبعد مرور عشر دقائق فقط بدأت الروح الهجومية للأسود في الظهور، حين نسج بولكسوت سلسلة تمريرات مميزة أنهاها بعرضية على مقاس رأس أمين زحزوح، غير أن الحارس السوري إلياس هدايا كان في المكان المناسب، مانعا المغرب من افتتاح النتيجة مبكرا. ووسط هذا الاندفاع، تلقى المنتخب المغربي ضربة موجعة بعد إصابة طارق تيسودالي في الرأس إثر اصطدام قوي مع الحارس السوري، ما اضطر السكتيوي إلى الدفع بوليد أزارو لتعويضه، في تغيير مبكر لم يكن مخططا له. وفي الدقيقة الثامنة والعشرين، طالب السوريون بركلة جزاء بعد احتكاك مع المدافع مروان سعدان، لكن تقنية الفيديو حسمت الجدل وأكدت عدم وجود أي خطأ مؤثر.

واستمرت المباراة في اتجاه سجال مفتوح، فالمغرب ضغط عبر بولكسوت وكريم البركاوي، بينما اعتمد السوريون على التحول السريع من الدفاع إلى الهجوم. وفي اللحظات الأخيرة من الشوط الأول اقترب زحزوح من هز الشباك من جديد، مستفيدا من عرضية أخرى من بولكسوت، لكنه لم ينجح في اللحاق بالكرة كما ينبغي، لتظل النتيجة متعادلة ويدخل الفريقان إلى غرف الملابس من دون أهداف رغم كثافة المحاولات.

ومع بداية الشوط الثاني ظهر المنتخب المغربي بصورة أكثر إصرارا، حيث كان أزارو قريبا جدا من افتتاح التسجيل بعد خروج خاطئ للحارس، لولا تدخل الدفاع السوري على خط المرمى في اللحظة الأخيرة. وبعد مرور عشرين دقيقة أجرى السكتيوي ثلاث تغييرات دفعة واحدة في محاولة لتسريع الإيقاع وضخ دماء جديدة عبر بنتايك والشويعر والمهديوي، وهو ما انعكس سريعا على تحركات الخط الأمامي. وأطلق أسامة طنان تسديدة قوية في الدقيقة التاسعة والستين، تصدى لها الحارس هدايا الذي واصل تألقه اللافت طيلة المباراة، قبل أن يهدد البركاوي الشباك بمحاولة أخرى مرت قريبة من القائم الأيمن.

ودخل صابر بوغرين لتعزيز النزعة الهجومية، فيما استمر الدفاع السوري في الصمود أمام كمية كبيرة من الضغط المغربي. غير أن مقاومة "نسور قاسيون" لم تصمد طويلا، إذ جاء الفرج في الدقيقة الثامنة والسبعين حين استغل وليد أزارو كرة مرتدة من الحارس هدايا بعد تسديدة من منير الشويعر، ليضعها في الشباك معلنا عن الهدف الوحيد للمباراة وسط فرحة عارمة من الجماهير المغربية. وكاد بوغرين أن يضيف الهدف الثاني بتسديدة مقوسة خطيرة، لكن الحارس السوري كان له رأي آخر وأبعدها ببراعة، قبل أن يلجأ المدرب الإسباني خوسيه لانا إلى إشراك عمر خريبين وعدد من الأوراق الهجومية بحثا عن العودة في النتيجة.

وفي الوقت الذي كان فيه السوريون يبحثون عن بصيص أمل، جاء تدخل تقنية الفيديو ليعقد مهمة المغرب قليلا، بعد طرد اللاعب محمد مفيد في اللحظات الأخيرة، ليكمل "الأسود" الدقائق المتبقية بعشرة لاعبين. ومع ذلك، حافظوا على توازنهم الدفاعي حتى صافرة النهاية، ليعودوا بانتصار ثمين يقودهم إلى المربع الذهبي بثقة أكبر.

وينتظر أن يواجه المنتخب الوطني في نصف النهائي الفائز من مباراة الجزائر والإمارات، في مواجهة مرتقبة قد تحمل الكثير من الإثارة، خصوصا إذا كان الخصم إحدى مدارس اللعب المغاربية التي اعتاد المغرب مواجهتها في البطولات العربية والقارية.