الاثنين, 03 نوفمبر 2025
مادة إعلانية

قوانين انتخابية جديدة. بين تخليق الحياة العامة وردع الفساد الرقمي

السبت 25 أكتوبر 2025
قوانين انتخابية جديدة. بين تخليق الحياة العامة وردع الفساد الرقمي

يوسف وفقير - الرباط

في خطوة تعكس الإرادة الملكية في ترسيخ الشفافية واستباق التحولات الرقمية التي تطبع المشهد السياسي، خُصِّص جزء مهم من المجلس الوزاري الأخير الذي ترأسه الملك يوم الأحد الماضي بالقصر الملكي بالرباط، لمواكبة مشاريع القوانين التنظيمية المؤطرة للمسلسل الانتخابي لسنة 2026.

وعقد هذا الاجتماع في سياق دينامية سياسية وتشريعية جديدة تروم تخليق الحياة العامة وضمان سلامة الاستحقاقات المقبلة، عبر تحصين الولوج إلى المؤسسة النيابية من أي شبهة فساد أو مساس بالمصداقية الديمقراطية.

وقد تضمّن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب مقتضيات دقيقة تهدف إلى تخليق المشهد الانتخابي وتعزيز الثقة في المؤسسات، من خلال استبعاد كل من صدرت في حقه أحكام قضائية تمس بالأهلية الانتخابية، وتشديد العقوبات في حق من يتورط في أفعال تمس بسلامة العمليات الانتخابية.

ويؤكد هذا التوجه أن النزاهة ليست مجرد شعار سياسي، بل التزام مؤسساتي وواجب وطني، تتقاطع فيه المسؤولية الفردية مع المصلحة العامة، انسجاما مع الرؤية الملكية التي تعتبر الثقة حجر الزاوية في البناء الديمقراطي المغربي.

لكن أبرز ما أثار اهتمام المتابعين هو إدراج مقتضيات زجرية جديدة غير مسبوقة تتعلق باستغلال الوسائل الرقمية في العمليات الانتخابية، في ظل ما تشهده الحملات السياسية من انتقال متسارع نحو الفضاء الافتراضي.

فقد نص المشروع على عقوبات حبسية تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة، وغرامات مالية تصل إلى 100 ألف درهم، ضد كل من يقوم بنشر أو توزيع منشورات انتخابية أو إعلانات يوم الاقتراع، سواء بشكل مباشر أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو أدوات الذكاء الاصطناعي أو المنصات الإلكترونية.

وتصل العقوبة إلى سنة سجنا نافذا في حق الموظفين أو أعوان الإدارة الذين يستغلون مواقعهم لتوزيع محتويات انتخابية رقمية أو الترويج لمترشحين أثناء أدائهم للمهام.

ومعاقبة نشر الإعلانات السياسية المؤدى عنها على منصات أجنبية بغرامات قد تبلغ 100 ألف درهم، في خطوة تروم حماية القرار الوطني من أي تأثير خارجي.

ولم تتوقف المقتضيات عند هذا الحد، بل شملت حالات التصويت المتعدد، أو التلاعب في اللوائح الانتخابية، أو إدخال أسلحة أو أدوات تهدد النظام العام داخل مراكز التصويت، حيث تتراوح العقوبات فيها بين شهر واحد وثلاث سنوات حبسا، حسب جسامة الفعل.

ويرى مراقبون أن هذه الترسانة القانونية الجديدة تمثل تحولا نوعيا في ضبط الفضاء الانتخابي الرقمي، إذ لم يعد المجال الافتراضي منطقة رمادية، بل جزءا خاضعا للمساءلة والمحاسبة، في انسجام تام مع مبادئ النزاهة والشفافية التي أكد عليها المجلس الوزاري.

وبذلك، يخطو المغرب نحو جيل جديد من القوانين الانتخابية، يجمع بين تحديث المنظومة القانونية وتحصين المسار الديمقراطي، في أفق انتخابات 2026 التي يُرتقب أن تكون الأكثر تنظيما وشفافية، بفضل مقاربة استباقية تؤكد أن الدولة مصممة على جعل الثقة عنوان المرحلة المقبلة.

 

 

مقالات ذات صلة

المغرب أمام مجلس الأمن: دبلوماسية الثقة ورهان الحسم الهادئ
سياسة

المغرب أمام مجلس الأمن: دبلوماسية الثقة ورهان الحسم الهادئ

 بقلم : يوسف وفقيرمن المنتظر أن يصوت مجلس الأمن الدولي، غدا الجمعة، على مشروع القرار الأميركي المتعلق بالصحراء المغربية، بعدما...

0 تعليقات
تأجيل التصويت على مشروع القرار الأمريكي بشأن الصحراء المغربية بسبب جلسة طارئة حول السودان
سياسة

تأجيل التصويت على مشروع القرار الأمريكي بشأن الصحراء المغربية بسبب جلسة طارئة حول السودان

ذكرت مصادر دبلوماسية من نيويورك أن مجلس الأمن الدولي قرر تأجيل جلسة التصويت على مشروع القرار الأمريكي المتعلق بقضية الصحراء المغربية...

0 تعليقات

النشرة الإخبارية

اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا

نحن نحترم خصوصيتك. لن نشارك بريدك مع أي طرف ثالث.

تعليقات الزوار (0)

لا توجد تعليقات بعد

كن أول من يعلق على هذا المقال

أضف تعليقًا

سيتم مراجعة تعليقك قبل النشر

اشترك في نشرتنا البريدية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني

جميع الحقوق محفوظة لموقع bawabapress.com © 2025
شروط الاستخدام سياسة الخصوصية تم إنشاء وإدارة الموقع بواسطة AppGeniusSARL