يوسف وفقير - الرباط
وجه الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، انتقادات لاذعة للحكومة بخصوص تدبيرها للمسار التشريعي المرتبط بالمحكمة الدستورية، معتبرا أن التعديلات المقترحة في مشروع القانون التنظيمي تشكل "تشريعاً على المقاس" يهدد استقلالية القضاء ويتعارض مع مبدأ التجديد الدوري للعضوية. وخلال مداخلته في اللقاء الدراسي الذي نظمه الحزب صباح الثلاثاء حول مستجدات القضاء الدستوري، قال لشكر إن الحكومة تبدو تائهة في مسطرة إخراج القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية، واصفا الاضطراب الذي رافق هذه المسطرة بأنه يشبه طفلا مسجلا بتاريخين مختلفين للميلاد.
واعتبر لشكر أن النقطة الأكثر إثارة للقلق تكمن في التعديل المرتبط بالمادة 14 من مشروع القانون التنظيمي رقم 36.24، والذي يتيح إعادة تعيين أو انتخاب عضو شغل منصبا شاغرا لمدة تقل عن ثلاث سنوات. وأكد أن هذا المقتضى يشكل التفافا على الفصل 130 من الدستور الذي ينص على مدة عضوية كاملة تبلغ تسع سنوات غير قابلة للتجديد، مشيرا إلى أن السماح بفترة تكميلية قصيرة متبوعة بولاية جديدة كاملة يفتح الباب أمام بقاء بعض الأعضاء لما قد يصل إلى اثنتي عشرة سنة، وهو ما يضرب مبدأ المساواة ويهدد استقلالية القضاء عبر خلق ولاءات محتملة مرتبطة بالأمل في إعادة التعيين.
وأوضح الكاتب الأول أن مشروع القانون الجديد، رغم ما يتضمنه من تحسينات تقنية في الصياغة، يحمل في ثناياه ملاحظات جوهرية لا يمكن تجاهلها، خصوصا وأن الفقرة المضافة إلى المادة 14، والتي تمنع إعادة تعيين من تجاوزت فترته التكميلية ثلاث سنوات، تبدو - حسب تعبيره - أكثر غموضا مما يظهر في منطوقها، لأنها قد تمس بمبدأ التجديد الدوري المنصوص عليه دستوريا. وذكر بأن الفصل 130 يفرض تجديد ثلث أعضاء المحكمة الدستورية كل ثلاث سنوات، وهو نظام حساس يرتبط مباشرة بضمان توازن دقيق بين الأعضاء المعينين والمنتخبين.
وبالعودة إلى التجربة العملية للمحكمة الدستورية منذ تأسيسها، أبرز لشكر أنه تم توزيع الأعضاء إلى ثلاث مجموعات بولايات من 3 و6 و9 سنوات، مع تنفيذ التجديد الأول سنة 2020 والثاني سنة 2023، قبل أن يتم خلال هذا الأخير إعفاء رئيس المحكمة بسبب تعذر قيامه بمهامه، وتعيين عضو جديد أكمل ولايته وشغل في الوقت نفسه منصب الرئيس. وأضاف أن دورة التجديد المقبلة المقررة في أبريل 2026 ستمكن من استقرار العملية بشكل تلقائي إلى حدود 2029، وهو ما يجعل توقيت إحالة مشروع القانون من طرف الحكومة "مثيراً للتساؤل"، خصوصا وأنه جاء قبيل استكمال آخر دورة من التجديد.
وأكد لشكر أن التعديل المقترح على المادة 14، والذي يسمح بإعادة التعيين لمن قضى أقل من ثلاث سنوات من مدة سلفه، يحدث خللا يمس بروح النص الدستوري، لأنه يسمح بتجاوز سقف السنوات التسع المقررة دستوريا، ويفتح المجال أمام حالات قد تفصل على المقاس. وأضاف أن هذا التعديل يربك أيضا مبدأ التوازن بين الفئات المعينة والمنتخبة، ويجعل قاعدة التجديد الدوري عرضة للاختلال، الأمر الذي يتعارض مع فلسفة الدستور ومع مقومات دولة المؤسسات التي تستوجب تشريعا يخدم المصلحة العامة لا الأشخاص.
وختم الكاتب الأول مداخلته بالتشديد على أن المحكمة الدستورية، باعتبارها أعلى هيئة ضامنة لحماية الدستور، تحتاج إلى تشريع أكثر صرامة وانسجاما، بعيدا عن أي تعديلات قد تبدو تقنية في ظاهرها لكنها تحمل في عمقها أثراً مؤسساتيا كبيرا، مؤكدا أن احترام قواعد المساواة، وعدم قابلية الولاية للتجديد، والحفاظ على انتظام التجديد الدوري، ليست مجرد تفاصيل تنظيمية بل أسس دستورية لا ينبغي المساس بها تحت أي مبرر.
يوسف وفقير - الرباطشهد اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، فصلا جديدا من الجدل الدائر حول صفقات الأدوية،...
أعلنت جمعية الثقة للتنمية النسائية عن الانطلاق الرسمي لمشروع:"من أجل مشاركة سياسية دامجة للنساء القرويات عبر التمكين الرقمي"، وهو مبادرة محلية رائدة...
اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا
كن أول من يعلق على هذا المقال
احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني