بقلم وردةأحرون
في مجتمع يُفترض أن يكون فيه الإمام حاملًا لخطاب الرحمة، نكتشف بين الحين والآخر وجوهًا تتقن التلاوة، لكنها تُخفي خلف المنبر رغبات مكبوتة، سلطوية، ومريضة.
هؤلاء لا يخدمون الدين، بل يخدمون أنفسهم.
ولا يحمون الجماعة، بل يحمون شهواتهم خلف جدار من القداسة الزائفة.
نحن لا نحتج على الدين، بل على من اختطفوا رمزيته ليمارسوا بها أبشع أشكال الانحراف.
نحن لا نهاجم الإمامة، بل نُسائل من جعلوها منصة للاغتصاب، للتحرش، ولإسكات الضحايا باسم الفضيلة.
أن يُدان الإمام المنحرف ويُسجن، لا يُلغي المفارقة، بل يُسلّط الضوء عليها.
لأن الجريمة وقعت داخل فضاء يُفترض أنه مقدّس، وبواسطة شخص يُفترض أنه قدوة.
ولأن الضحية لم تكن فقط فردًا، بل كانت ثقة جماعية تم انتهاكها.
المفارقة الأخلاقية هنا ليست في غياب المحاسبة، بل في الزمن الذي سبقها، حيث كان المنبر يُستخدم كأداة هيمنة، لا كمنصة وعي.
في تلك الفترة، كان الإمام يُمارس سلطته دون مساءلة، يُخاطب الناس باسم الله، بينما يُخفي داخله عنفًا مكبوتًا، رغبة مريضة، ونظرة دونية للآخر.
السجن لا يُعيد بناء الثقة، ولا يُصلح البنية التي سمحت له بالصعود إلى المنبر.
لأن المشكلة ليست فقط في الفعل، بل في الشرعية التي مُنحت له مسبقًا، وفي الخطاب الذي حصّنه من النقد، وفي القداسة التي جعلت مساءلته أمرًا مؤجلًا، لا فوريًا.
إننا أمام مفارقة تُعرّي المجتمع أكثر مما تُعرّي الإمام.
لأن المجتمع، حين يُقدّس الشكل ويُغفل الجوهر، يُصبح بيئة خصبة للانحراف.
وحين يُسارع إلى التبرؤ بعد الفضيحة، دون أن يُسائل نفسه، يُعيد إنتاج نفس البنية، بنفس الصمت، بنفس الخلل.
رفضٌ للنفاق.
بل هو رفضٌ لسلطة الوعظ حين تُمارَس دون مساءلة ذاتية، دون اعتراف بالهشاشة، دون وعي بأن من يُدين الناس قد يكون هو نفسه في حاجة إلى تربية داخلية لم يخضع لها.
إنه موقف وجودي، لا تنظيري.
إعلان بأن النزاهة الأخلاقية لا تُقاس بكمية النصوص المحفوظة، بل بقدرة الإنسان على الاعتراف بضعفه قبل أن يُدين ضعف الآخرين.
في زمن يُكافأ فيه من يُجيد الخطابة، أُكافئ الصدق مع الذات بالصمت.
لأن الكلمة، حين لا تُولد من تجربة صادقة، تُصبح عنفًا رمزيًا.
ولأن المنبر، حين يُمنح لمن لا يملك وعيًا أخلاقيًا، يتحول من منصة للرحمة إلى أداة للهيمنة.
بعض الأئمة لا يسقطون لأنهم ضعفاء، بل لأنهم لم يعترفوا بضعفهم.
لم يُربّوا أنفسهم قبل أن يُربّوا الناس.
لم يُمارسوا النزاهة كمساءلة، بل استخدموا الخطابة كقناع.
فصاروا ينهون عن الفاحشة، وهم غارقون فيها — لا عن بشرية، بل عن إنكار
يوسف وفقير - الرباطأعاد تصريح لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، إحياء النقاش حول حصيلة إصلاح التعليم...
يوسف وفقير - الرباطكشف وزير الثقافة والشباب والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، أن حوالي 80 في المائة...
اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا
كن أول من يعلق على هذا المقال
احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني