وردة أحرون-إيموزار كندر
مشهد يومي يكشف اختلالات عميقة في مدينة "إيموزار كندر "، نشهد في فصل الصيف أطفالًا يسبحون في نوافير الساحات العامة أو يقفزون وسط أحواض النافورات كما لو كانت مسابح عمومية. للوهلة الأولى قد يبدو المشهد عفويًا أو حتى لطيفًا، لكن في العمق، هو انعكاس لمعادلة اجتماعية غير متوازنة بين الحق في الترفيه والغياب البنيوي للتخطيط التربوي والحضري.
السوسيولوجيا التربوية: تفكيك الظاهرة
انطلاقًا من مفاهيم سوسيولوجيا التربية، يمكننا توظيف ثلاث نماذج لتفسير الظاهرة:
- المدرسة كنسق ناقص الوظائف (Functional Gaps)
تفتقد المدرسة إلى أدوارها التكميلية خارج جدران الفصل، حيث لا تواكب حاجات الطفل التربوية والترفيهية في فضاءات حقيقية. وبالتالي، لا تُكون لديه علاقة صحية مع الفضاء العام.
- نظرية رأس المال الثقافي (Bourdieu)
الأطفال الذين ينتمون لأوساط اجتماعية محدودة غالبًا ما يفتقرون لرأس مال ثقافي يُوجه اختياراتهم نحو أنشطة مؤطرة ومناسبة، فيتجهون تلقائيًا إلى سلوكيات تلقائية قد تُفهم خطأً على أنها "فوضى".
- سوسيولوجيا الانتماء المكاني
حين يغيب الإحساس بالانتماء إلى فضاءات مخصصة كالنوادي أو المسابح البلدية بسبب بعد المسافة، التكلفة أو غياب الجودة، يصبح الفضاء العام بديلاً قسريًا، وإن لم يكن مهيأ لذلك.
المسبح البلدي... حاضر، لكن غائب
حتى عند توفر المرافق المائية كالمسابح البلدية، نلاحظ استمرار الظاهرة لعدة أسباب:
- تكلفة الولوج (حتى وإن كانت رمزية) قد تكون عائقًا أمام فئات معينة.
- غياب الجاذبية أو سوء الصيانة يجعل من النافورة خيارًا أكثر "إغراءً".
- نقص حملات التوعية الموجهة للأطفال بلغة يفهمونها ويحبونها.
أين يكمن الخلل؟ تربية منزلية أم نظام تعليمي؟
الجواب ليس في إما... أو بل في تداخل الأدوار:
- الأسرة: تُؤسس للوعي بالقيم والسلوك في الفضاء العام، لكنها قد تكون بدورها ضحية غياب التكوين والدعم.
- المدرسة: تُقصر حين تركز فقط على المعرفة الأكاديمية دون ترسيخ مفهوم "المواطنة اليومية".
- المنظومة المجتمعية: تتنصل من مسؤولية خلق فضاءات بديلة وآمنة تُلبي حاجات الطفل في اللعب
والترفيه والتنشئة(التربية).
-- الجماعة كفاعل سوسيولوجي: بين تيسير الولوج والانسحاب الرمزي
في سوسيولوجيا الفضاءات العمومية، يُنظر إلى الفاعل الجماعي (الجماعة الترابية) باعتباره منتجًا ومؤطرًا للعلاقات داخل المجال الحضري. غياب رؤية واضحة لتوزيع الموارد الترفيهية، خاصة في ما يخص الطفولة، يكشف عن "تفاوت مجالي" (Inégalités territoriales) يخلق تفاوتًا اجتماعيًا في تجارب الأطفال داخل المدينة.
المسبح: من حق جماعي إلى رفاه انتقائي
حتى في حالة وجود المسبح البلدي، فإن غيابه من حيث الفعالية لا يقل خطورة عن غيابه من حيث الوجود. ويبرز ذلك من خلال:
- ندرة المسابح المفعّلة والمفتوحة في وجه العموم خلال الصيف.
- ضعف الترويج المؤسساتي للمرافق العمومية، ما يجعل الزوار والسكان لا يعرفون حتى بوجودها.
- تحوّل الخدمة العمومية إلى تجربة نخبوية ترتبط بالقدرة على الأداء أو الانتماء المجالي.
من منظور سوسيولوجيا الدولة المحلية، يمكن القول إن الجماعة لا تمارس فقط الإقصاء المادي بعدم توفير المرافق، بل تمارس أيضًا الإقصاء الرمزي حين تُهمل نشر الوعي بحقوق الأطفال في الاستفادة منها.
الزائر كمرآة لسياسات الجماعة
حين يسأل زائر عن المسبح البلدي ويصطدم بغموض أو غياب المعلومة، فهذا يُعبّر عن "اختلال في تمثلات المدينة" (Représentations urbaines)؛ أي أن صورة المدينة كمجال قابل للعيش والعدالة المجالية تصبح مشوهة. وهذا بدوره يرسّخ لدى الأطفال انطباعًا ضمنيًّا بأنهم خارج معادلة الاهتمام الرسمي، فيعيدون توجيه سلوكهم نحو بدائل غير ملائمة مثل السباحة في النوافير.
من المسؤولية إلى إعادة التوجيه
سوسيولوجيًا، المطلوب ليس فقط تقديم بنية تحتية، بل خلق "ثقافة مجالية" تشعر الأطفال بأنهم مُعترف بهم كفاعلين داخل المدينة، لا كمشاهدين يُجبرون على التكيّف.
يوسف وفقير - الرباطأكد محمد بن سالم المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، يوم الإثنين، أن...
بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله القائد الأعلى ورئيس اركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية وفي...
اشترك في النشرة الإخبارية لتصلك التحديثات الجديدة يوميًا
كن أول من يعلق على هذا المقال
احصل على آخر الأخبار والتحديثات مباشرة إلى بريدك الإلكتروني